رعى الغنم بصغره، والده ميكانيكي وأمه عاملة مصنع نجوَا من حرب البوسنة.. قصة مودريتش الذي طُرد من ناديه لصغر جسمه حتى وصل إلى عتبات المجد

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/15 الساعة 14:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/15 الساعة 19:43 بتوقيت غرينتش

مرّ لوكا مودريتش، نجم منتخب كرواتيا وأشهر لاعبي مونديال كأس العالم 2018، بأحداث مؤثرة في حياته منذ الطفولة حتى الوقت الحالي.

تناول موقع Life Bogger البريطاني الكثير من الحقائق المتعلقة بـ حياة مودريتش خارج وداخل الملعب والتي لا يعرفها الكثيرون عنه.

نشأته

 وُلد لوكا مودريتش في التاسع من سبتمبر/أيلول عام 1985 بمدينة زادار في كرواتيا لعائلة من اللاجئين الفارين من العدوان الصربي أثناء حرب البوسنة. وعملت أمه رادويكا مودريتش عاملة في مصانع الغزل والنسيج، وكان والده ستيب مودريتش في فترة ما ميكانيكياً في القوات العسكرية يصلح السيارات من أجل الجنود الكروات في الحرب.

وعاصر لوكا أثناء طفولته الأحداث المرعبة التي حدثت في زادار خلال الحرب الكرواتية.

"كان هناك هذا الولد الذي يركل الكرة حول ساحة انتظار السيارات التابعة للنُزُل طيلة اليوم"، كانت هذه كلمات يوسيب بايلو رئيس نادي زادار معلقاً على مودريتش في بواكير أيامه. وأضاف: "كان نحيفاً وصغير الحجم بالنسبة لعمره، لكن كان بإمكانك أن ترى فيه شيئاً مميزاً".

وكشفت وسائل إعلام كرواتية، جانباً في حياة لوكا مودريتش، لاعب ريال مدريد والمنتخب الكرواتي، وقالت إنه كان يرعى الأغنام في جبل مليء بالذئاب، عندما كان طفلاً.

ودائماً ما كان يُحكَم على لوكا من منظور جسمه الضئيل. كان يُنظَر له باعتباره شخصاً صغير الحجم ونحيفاً ولن ينمو جسمه ليصبح جسم لاعب كرة قدم. استطاع أحدهم الإيمان بأنَّه سيصبح لاعباً كبيراً. كانت الكرة تبدو "جميلة بين قدميه" عندما كان يركز لوكا في اللعب بمفرده أمام غرفة عائلته في النُزُل.

وكانت طريقته الوحيدة لمعرفة إذا ما كان يستحق أن يمارس كرة القدم هي أن يذهب إلى اختبارات الشباب. وأتت الفرصة.

مسيرته الكروية

ذهب لوكا أولاً إلى اختبارات نادي هايدوك سبليت الكرواتي. لكن ولسوء الحظ، وكما يقول الجميع، رفضه النادي بسبب افتقاره للمؤهلات الجسدية المطلوبة.

لا يزال ما فعله الله في جيناته هذه غامضاً، هذا الشيء الذي غيّر قصته بالكامل. وقدر لوكا بأن يصبح من كبار لاعبي كرة القدم لا يزال مصدر إلهام. ركّز لوكا الصغير كل قوته على العمل الجاد. وصحَّح فيما بعد انطباع الناس الخاطئ عنه بأنَّه ضعيف البنية وصغير الحجم. جاء هذا في الوقت الذي ظفر فيه لوكا بما يدعوه الناس "انتصار صغير" في فريق دينامو زغرب الكرواتي. كانت بداية سعيدة لمسيرته المهنية.

وأظهر مودريتش الكثير من الثقة والكفاءة فور انضمامه للنادي. وسارع نادي دينامو زغرب إلى مدّ العقد لمدة 10 سنوات. كان طوله يزيد بمعدل بطيء وثابت بعد أن أعطاه مسؤولو النادي الكثير من المكملات الغذائية.

وفي محاولة لزيادة خبرته، أُعير لوكا لنادي زرينسكي موستار الكرواتي بعد أن لعب في صفوف فريق دينامو زغرب. كانت هذه نقطة حلقت فيها مسيرته الكروية عالياً. وخاض فترة إعارة أخرى لفريق إنتر زابريسيتش في البوسنة.

عاد بعدما اشتدّ عوده ليتجلى في أول ظهور كبير له في نادي دينامو عام 2005. وفاز مع النادي بثلاثة ألقاب متتالية للدوري وبطولات الكأس المحلية. وحصل على جائزة أفضل لاعب في الدوري الكرواتي عام 2007.

في عام 2008 انتقل إلى الدوري الإنكليزي ليلعب في نادي توتنهام هوتسبير، حيث قاد الفريق ليصل للمرة الأولى منذ ما يقرب 50 عاماً إلى دوري أبطال أوروبا، وتأهل الفريق إلى  دور ربع النهائي في بطولة 2010-2011.

بعد موسم 2011- 2012، انتقل إلى ريال مدريد في صفقة بلغت قيمتها 33 مليون يورو (38.6 مليون دولار أميركي). وكما يقولون، فبقية مسيرته الكروية يعرفها الجميع.

حياته العائلية

كانت عائلته من ضحايا حرب البوسنة. أفنوا عمرهم وهم يلوذون بالفرار من المعتدين الصرب. كانت العائلة تعاني من فقر مدقع بسبب غياب المنزل والافتقار للملابس والملاذ أثناء الفترة التي لم يستقروا فيها. وبعد فترة وجيزة تغيرت ظروف اللجوء والفقر عندما حصل والد مودريتش -ستيب مودريتش- على وظيفة محترمة وهي فني إصلاح سيارات في الجيش الكرواتي.

في هذا الوقت، كان جد لوكا الذي كان يُدعى لوكا هو الآخر، جندياً يقاتل على جبهة تربط بين المدن الرئيسية. كانت حياته مهددة لأن الجيش الصربي، وجيش يوغسلافيا الشعبي وجيش "كرايينا" كانوا يخوضون معارك حامية الوطيس ونشاطات عسكرية في هذه المنطقة. وقُتل لوكا الجد على يد أعدائه.

وبعد موته، انتقل لوكا وعائلته إلى مدينة زادار. وفور مغادرة منزلهم أشعلوا النار به، حسبما قال ستانكو مودريتش وهو أحد أقرباء عائلة مودريتش. واستقروا في مدينة زادار في فندق متواضع بفضل ما كسبه ستيب مودريتش من أموال، فهو لا يزال فني سيارات ذي خبرة.

واصل ستيب عمله في إصلاح السيارات في مدينة زادار. ووفر لعائلته المال اللازم لجعلهم ينتقلون من تحت خط الفقر إلى الطبقة المتوسطة. وفي زادار بدأ لوكا لعب كرة القدم كما ذُكَّر من قبل.

وبفضل مسيرة لوكا المهنية أصبحت حياة العائلة عادية ومستقرة لأقصى حد رغم الحرب وقلة الرزق. وهم الآن فاحشي الثراء وكل ذلك بفضل لوكا.  

حياته العاطفية

تدور قصة حب لوكا مودريتش حول امرأة واحدة تدعى فانجا بوسنيك.

بدأ لوكا وفانجا في التعارف عام 2006، أثناء عودته من فترة الإعارة إلى دينامو زغرب. وسرعان ما جعلها لوكا وكيلة أعماله بعد أن وثق ثقة عمياء بأنَّها فتاة أحلامه.

وكانت فانجا هي المرأة القوية وراء لوكا مودريتش. فقد كانت العقل المدبر لمعارك انتقاله التي جعلت انتقاله من توتنهام إلى ريال مدريد أمراً ممكناً.

لا يزال مودريتش مولعاً بعينيها الخضراوين، ووجها الجميل، وقامتها وساقيها الطويلتين الممتلئتين.

تزوّج مودريتش الخجول من فانجا في مايو/أيار عام 2010 في العاصمة الكرواتية زغرب بعد أربعة أعوام من لقائهما الأول.

وسرعان ما بُورك زواجهما. فوُلِد ابنهما الأول إيفانو يوم 6 يونيو/حزيران 2010. ووُلدت ابنتهما إيما في 25 أبريل/نيسان 2013. ووُلدت ابنتهما الثانية صوفيا في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2017.

ويعيش مودريتش حياة عائلية هادئة عموماً، وكل هذا بفضل بدايته المتواضعة. ويؤمن بأنَّ الناس يجب أن تنظر إليه باعتباره لاعب كرة قدم، ليس شخصية مشهورة أو قدوة.

"أنا أحاول فقط بذل أفضل ما لديّ في كرة القدم داخل الملعب. لست قدوة أو شيء كهذا. أنا لاعب كرة قدم"، كانت هذه كلمات أسطورة من أساطير ريال مدريد الذي ثبّت أقدامه كلاعب كرة قدم. الشيء الوحيد الذي يفوق كرة القدم في رأس مودريتش هو عائلته. بالنسبة له يدور الأمر حول شيئين كرة القدم والعائلة.

مودريتش تصدر تشكيلة فريق اللاجئين في "يورو 2016"

ليس مودريتش هو اللاعب الوحيد الذي تألق من وسط المحن والصعاب ليصبح لاعب كرة القدم الذي هو عليه الآن. هناك لاعبون آخرون كانوا لاجئين أيضاً كما سنرى بالأسفل.

مؤخراً، دعت شبكة مناهضة التمييز والعنصرية في كرة القدم الأوروبية (FARE) مجموعة من اللاعبين من الفرق الأوروبية المشاركة في بطولة كأس اليورو 2016، والذين كانوا لاجئين في السابق للتجمع في فريق واحد للاحتفال "باليوم العالمي للاجئين".

ضم الفريق لاعبين مثل الأخوين غرانيت وتاولانت جاكا، وكريستيان بينتيكي، وناني، ومودريتش.

وينظر إلى أولئك اللاعبين باعتبارهم أكثر المشاركين نشاطاً الذين سيتركون كل شيء خلفهم من أجل الاحتفال "باليوم العالمي للاجئين".

كان رونالدو قدوته منذ الصغر

لدى مودريتش نقطة ضعف تجاه رونالدو ليس كريستيانو رونالدو، بل رونالدو لويس نازاريو دي ليما. قال الكرواتي ذات مرة: "في صباي، كان أول زوج من واقي قصبة القدم لديّ يحمل صورة رونالدو. كان من إنتاج شركة Nike وأحببته كثيراً. أحببت رونالدو. رونالدو القديم! وارتديت هذا الواقي لسنوات، منذ كنت طفلاً صغيراً حتى بدأت اللعب بصورة احترافية في دوري البوسنة. وذرفت الكثير من الدمع قبل أن أهديها أخيراً لأحدهم".

ربما يكون مودريتش تعلم كيف يُصقل مهاراته الهجومية من رونالدو البرازيلي.

هدأت الأمور أخيراً، وأحب مودريتش الحياة في العاصمة الإسبانية. لكن نادي توتنهام كان لا يزال يشعر بغصّة تجاه الأحداث التي تلت ملحمة انتقاله إلى العملاق الإسباني.

تسببت مغادرة اللاعب الكرواتي من توتنهام في الكثير من الإحراج لم يكن يود الطرفان حدوثه. هذا ما حدث حقاً. في صيف عام 2012، أعلن مودريتش بوضوح أنه يرغب في الانتقال إلى ريال مدريد، لكن توتنهام ربما كان معارضاً بشكل مفهوم لفكرة رحيل نجم فريقه.

أصر النادي على إلزام ريال مدريد بدفع 40 مليون يورو (46.8 مليون دولار) للحصول على خدماته، وفي ظل عرقلة توتنهام لعملية إتمام الانتقال بطريقة غير مباشرة، رفض مودريتش المران، ما يعني أن أندريه فيلاش-بواش ورفاقه مضطرين لتوقيع جزاءات عليه تساوي أجر أسبوعين أي ما يقدر بحوالي 80 ألف يورو (93.6 ألف دولار). دفع مودريتش المبلغ وظل يرفض المران. عندها استسلم توتنهام وبدأت إجراءات الانتقال.

وانتقل مودريتش أخيراً إلى ريال مدريد مقابل 30 مليون يورو (35 مليون دولار). لكن المرارة قضت على وفائه لتوتنهام.

وبوجود لوكا في صفوفه، فاز ريال مدريد العام الماضي ببطولة دوري أبطال أوروبا بعد تغلبه على يوفنتوس الإيطالي في مباراة النهائي بأربعة أهداف لهدف. وحصل مودريتش على جائزة أفضل لاعب وسط بالبطولة، إذ شارك في 11 مباراة صنع خلالها هدفين.

وعلى الصعيد العالمي، أضحى مودريتش أهم لاعبي منتخب كرواتيا في السنوات الماضية، وساهم أداء لوكا ومهاراته الفنية في صعود منتخب كرواتيا إلى نهائيات كأس العالم 2018.

وقدم لوكا أداءً مميزاً في بطولة كأس العالم الحالية وكانت مشاركته بمثابة حجر الزاوية الذي مكَّن المنتخب الكرواتي من العبور إلى المباراة النهائية للبطولة والتي سيخوضها أمام فرنسا اليوم الأحد 15 يوليو/تموز. وأحرز مودريتش هدفين في العُرس العالمي بمرمى منتخبي نيجيريا والأرجنتين.

ما سيُذكَر به مودريتش

سيبقى لوكا في ذاكرة التاريخ إلى الأبد بهذه السمات عندما يعتزل في نهاية المطاف:

  • لكونه أفضل لاعب خط وسط له أصغر بنية جسمانية في عصره.
  • لقدراته السريعة والمبدعة في صنع الألعاب.
  • لرؤيته العظيمة أثناء المباريات.
  • لقدرته على تحويل مسار المباراة بتمريراته الماهرة ومجهوداته الفردية طويلة المدى.
  • لقدرته على اللعب بكلتا قدميه.
  • لتمركزه السريع والهجومي بالنسبة للكرة.
  • لقدرته على تمرير الكرة بدقة لمسافات طويلة وقصيرة.
  • وأخيراً لكونه متقناً لمهارة "صنع الأهداف".

 

علامات:
تحميل المزيد